test

تشرين الثاني/ نوفمبر 2025

left left c right c right

تواجه مجموعة من الأحزاب السياسية في الأردن تحديات قانونية وتنظيمية متزايدة في ظل تراجع قدرتها على الحفاظ على النصاب القانوني المنصوص عليه في قانون الأحزاب لعام 2022، الذي يشترط وجود ما لا يقل عن ألف عضو مؤسس، إضافة إلى توزيع جغرافي متوازن، ونسب محددة من فئات الشباب والنساء لا تتجاوز 20% لكل فئة. ويضع الإخلال بهذه المتطلبات الأحزاب أمام مخاطر قانونية جدية، قد تصل إلى الحل قضائياً في حال عدم تمكنها من تصويب أوضاعها ضمن الإطار الزمني المحدد. وفي هذا السياق، تهدف هذه القراءة التحليلية إلى تتبُّع وضع بعض الأحزاب التي فقدت نصابها أو باتت على مشارف فقدانه، وفهم العوامل البنيوية والتنظيمية والسياسية – الداخلية والخارجية – التي أسهمت في هذا التراجع، إلى جانب استشراف السيناريوهات المحتملة لمستقبلها في ضوء التحولات الراهنة في البيئة الحزبية الأردنية.

أولاً: قراءة كمية في واقع الأحزاب التي فقدت نصابها

1 2 3 4
  • سيوبنتنستيب
  • سيكنبت
  • يبلغ عدد الأحزاب السياسية المرخصة في الأردن حالياً 34 حزباً، من بينها أربعة أحزاب فقدت النصاب القانوني وفقاً لأحكام قانون الأحزاب لعام 2022. وقد عمد أحدها، وهو حزب الأنصار الأردني، إلى معالجة وضعه من خلال الاندماج رسمياً مع حزب نماء، الأمر الذي أعاد له الامتثال القانوني عبر هذا المسار.  وتُظهر بيانات العضوية الحزبية تفوّق حزب مبادرة (الناجم عن اندماج حزبي إرادة وتقدّم) على بقية الأحزاب من حيث عدد الأعضاء، إذ يبلغ عدد منتسبيه 13,636 عضواً، ليحتل المرتبة الأولى في الترتيب الكمي. وفي المقابل، جاء الحزب العربي الديمقراطي في المرتبة الأخيرة بـ 863 عضواً فقط.
  • وتجدر الإشارة إلى أنّ الحزب العربي الديمقراطي يواجه حكماً بالحل صدر عن محكمة بداية عمّان بتاريخ 24 تموز 2025، على خلفية دعوى أقامتها الهيئة المستقلة للانتخاب بعد عدم إفصاح الحزب عن موارده المالية وأوجه إنفاقها، في مخالفة للمادة (28) من القانون. ولا تزال القضية منظورة أمام القضاء، ما يجعل وضع الحزب القانوني معلقاً بانتظار الفصل النهائي.

 

ثانياً: إجراءات الهيئة المستقلة للانتخاب تجاه الأحزاب التي فقدت النصاب القانوني

 

 

تلتزم الهيئة المستقلة للانتخاب بتطبيق إجراءات قانونية واضحة في التعامل مع الأحزاب التي تفقد نصابها القانوني. إذ تبادر فور رصد أي خلل إلى توجيه إشعار رسمي للحزب يلزمه بتصويب أوضاعه خلال مدة 60 يوماً، قابلة للتمديد لمدة إضافية تبلغ 30 يوماً، شريطة تقديم مبررات مقبولة يوافق عليها مجلس مفوضي الهيئة، وفق ما أكده أمين عام سجل الأحزاب السيد أحمد أبو زيد.

وينص قانون الأحزاب السياسية لعام 2022 على ضرورة توافر حد أدنى من العضوية يبلغ 1000 عضو مؤسس، مع توزيع جغرافي يشمل ست محافظات على الأقل بواقع 30 عضواً من كل محافظة، إضافة إلى الالتزام بنسبة لا تقل عن 20% من فئة الشباب (18–35 سنة) و20% للمرأة ضمن العضوية. وتتابع الهيئة مدى التزام الأحزاب بهذه المتطلبات بصورة دورية. وفي حال تسجيل أي تراجع في الأعداد أو نسب التمثيل، يُخطر الحزب رسمياً للبدء بإجراءات تصويب أوضاعه ضمن المهلة الزمنية المحددة.

ثالثاً: إجراءات الأحزاب التي فقدت النصاب القانوني

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تلجأ الأحزاب الأردنية التي تفقد نصابها القانوني إلى ثلاثة مسارات رئيسية لمعالجة وضعها التنظيمي:

 

 

 

  1. الاندماج

يُعد الاندماج أحد الخيارات المتاحة، كما حدث مؤخراً مع حزب الأنصار الأردني. وتشير إفادة الأستاذ نبيل حداد، الأمين العام المساعد للتخطيط والشؤون الاقتصادية في الحزب، إلى أن فقدان النصاب لم يكن العامل الرئيس خلف قرار الاندماج، بل لعبت الضغوط المالية وضعف مصادر التمويل الدور الأبرز في دفع الحزب إلى هذا المسار. يعكس ذلك الدور المؤثر للموارد المالية في استدامة البنية التنظيمية للأحزاب، خصوصاً في ظل التزامات تشغيلية متزايدة.

  1. إعادة توفيق الأوضاع

يعد هذا الخيار الأكثر شيوعاً، وقد أثبتت التجربة الحزبية الأردنية قدرة بعض الأحزاب على استعادة نصابها بعد فترات من التراجع، مثل الحزب الشيوعي الأردني وحزب البعث العربي الاشتراكي. وأكدت مصادر قيادية في كلا الحزبين أن خيار الاندماج غير مطروح حالياً، تعبيراً عن ثقة هذين الحزبين بقدرتهما على تجاوز التحديات وتنفيذ متطلبات القانون خلال المدة المتاحة.

وتبرز هنا إشكالية خاصة لدى الأحزاب ذات الطابع العقائدي؛ إذ تتسم إجراءات الانتساب فيها بدرجة عالية من الصرامة والانتقائية، وتشمل مراحل متعددة تهدف إلى التحقق من انسجام المنتسبين الجدد مع الهوية الفكرية للحزب. ورغم أن هذا النهج يعزز التماسك التنظيمي ويحافظ على الخط السياسي الواضح، إلا أنه يحدّ من قدرة هذه الأحزاب على التوسع العددي السريع، لا سيما بين فئة الشباب الذين يميلون إلى خيارات حزبية أكثر مرونة وانفتاحاً.

  1. اللجوء إلى القضاء

 

 

يظل الحل القضائي خياراً قانونياً قائماً، إلا أن تطبيقه العملي محدود للغاية. ورغم وجود حالات قيد النظر، لم يُسجّل حتى الآن صدور حكم نهائي بحل حزب بسبب عجزه عن تصويب أوضاعه، مما يجعل هذا السيناريو الأقل احتمالية ضمن السياقات الراهنة.

الخاتمة

 

 

 

 

 

تشير المعطيات المتاحة إلى أن الحل القضائي ليس السيناريو الأكثر ترجيحاً بالنسبة للأحزاب التي فقدت نصابها القانوني. فقد أظهرت تجارب سابقة—مثل الحزب الشيوعي الأردني والحزب العربي الاشتراكي—قدرة هذه الأحزاب على تجاوز التحديات وإعادة الامتثال لمتطلبات قانون الأحزاب لعام 2022. كما أن حالة اندماج حزب الأنصار الأردني مع حزب نماء تعكس أن العوامل المالية والإدارية قد تشكل دوافع أكثر تأثيراً من مجرد فقدان النصاب.

وتدل هذه التجارب مجتمعة على أن فقدان النصاب يشكّل غالباً مرحلة مؤقتة في مسار التصويب التنظيمي، قابلة للمعالجة ضمن المدة القانونية المتاحة، ما لم ترتبط بظروف استثنائية مثل موجات استقالات جماعية واسعة النطاق قد تعيق قدرة الحزب على إعادة بناء قاعدته التنظيمية.